تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣١٣
قال اللّه تعالى :
[سورة النساء (٤) : آية ٣٢]
وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً (٣٢)
[النساء : ٤/ ٣٢].
نزلت هذه الآية بسبب أن النساء قلن : ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث، وشركناهم في الغزو، أي الجهاد، وقال الرجال : ليت لنا في الآخرة حظا زائدا على النساء، كما لنا عليهن في الدنيا، فنزلت الآية.
قال ابن عباس : أتت امرأة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت : يا نبي اللّه، للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين برجل، أفنحن في العمل هكذا؟ إن عملت المرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة، فأنزل اللّه : وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ.. الآية.
يتبين من سبب النزول المذكور أن الأطماع البشرية هي المسيطرة على النفوس، فالمرأة تريد مساواة الرجل في كل شي ء، ولو كان ذلك مغايرا للطبيعة الإنسانية، أو فيه جور وظلم، وإخلال بميزان النفقات المقرر في هذه الشريعة، حيث إن الرجل هو المكلف بعب ء الإنفاق على الأسرة، ولا تكلف المرأة بشي ء من النفقة.
وبما أن الشرع حكم عدل محايد، فقد نهانا اللّه تعالى أن يتمنى كل إنسان منا ذكرا كان أو أنثى ما فضل اللّه به غيره عليه، بل الواجب على كل منا أن يعمل ويكتسب ويجد ويجتهد، ويتقن عمله، ويحسن القصد والنية، ويعمل في المجال المناسب لطبيعته، فالرجل بتكوينه هو الذي يجاهد، والمرأة بحكم أنوثتها وضعفها لها مهام أخرى في التربية وإعداد الأجيال ورقابة الأولاد من الانحراف، ولا يجوز التحاسد، لأن ذلك التفضيل بين المرأة والرجل قسمة مقدرة من اللّه، صادرة عن حكمة وتدبير سديد، وعلم بأحوال العباد، وبما يصلح له كل شخص من بسط الرزق له أو تقتيره


الصفحة التالية
Icon