تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٤٨
الثمار والزروع وموت الأولاد قالوا : هذا بسبب شؤمك يا محمد، وبسب اتباعنا لك، فرد اللّه عليهم بأن كلا من الحسنة والسيئة من عند اللّه، فالله هو الخالق والموجد لكل شي ء، فما لعقول هؤلاء القوم لا يكادون يفهمون حديثا أو خطابا، والأمور مرتبطة بأسبابها، فما أصابك أيها الإنسان من حسنة فمن فضل اللّه ونعمته وتوفيقه لك للخير والنجاة، وما أصابك من سيئة فمن نفسك وتقصيرك وإهمالك، حيث لم تسلك سبيل العقل والحكمة.
وأما أنت يا محمد فمجرد رسول أرسلناك للناس، تبلغهم شرائع اللّه وأحكامه، وليس عليك إلا البلاغ، وإن كان إيجاد الشر والخير وخلقه من عند اللّه، وكفى بالله شاهدا على صدق رسالتك وأداء مهامك وواجباتك.
مرد طاعة الرسول وتدبر القرآن
الوحي الإلهي هو مصدر الشريعة الإسلامية جميعها، سواء كان الحكم أو التكليف الشرعي واردا من اللّه تعالى مباشرة بنص صريح، أم من الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، فحكم اللّه وحكم رسوله واحد، وطاعة الرسول طاعة لله تعالى، ووحدة المصدر أمر ضروري لوحدة العقيدة والتشريع والأحكام، وقد أرشد القرآن الكريم لهذا المبدأ العام، وأبان أن القرآن لمن تدبره وتأمل في جميع آياته يجده واحدا منسجما في جميع أحكامه لا ينقض حكم حكما، ولا يتناقض حكم مع حكم، فكل أحكام القرآن الكريم منسجمة مع بعضها، بالرغم من أن نزوله كان على مدى ثلاث وعشرين سنة.
قال اللّه تعالى :
[سورة النساء (٤) : الآيات ٨٠ الى ٨٢]
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)