تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٥٥
تعالى : فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فإن توبتهم قبل القدرة عليهم دليل على أنها توبة خالصة لله تعالى.
أما إن تابوا بعد القدرة عليهم، فيقام عليهم حدّ الحرابة، ويكون تطبيق الحدّ عليهم أمرا حتميا واجبا بسبب العصيان والفساد، وعلى المسلمين وغيرهم إعانة الحكام في مطاردتهم وكفّهم عن عدوانهم لأنهم متّهمون بالكذب في توبتهم والتّصنع فيها إذا نالتهم يد الحاكم وألقي القبض عليهم أثناء عدوانهم، ولا يظلم ربّك أحدا.
أساس النّجاة في الآخرة
انزجار الناس وارتداعهم عن المعاصي والجرائم يكون بأحد أمور ثلاثة : إما بتطبيق العقوبة على الجاني، فينزجر ويرتدع، أو برؤية الجناة متلبسين بالمكاره وألوان التعذيب، فيرق الرائي والسامع ويخشع قلبه، أو بالوعظ والإرشاد والترهيب من أصناف العذاب في الدار الآخرة في نار جهنم.
والحال الثانية وهي رؤية التعذيب أبلغ من الوعظ لورودها على النفوس وهي خائفة وجلة، وقد اعتمد القرآن عليها إذ أورد آيات التخويف بين حدّين من الحدود المقررة شرعا وهما حدّ الحرابة وحدّ السّرقة، قال اللّه تعالى :
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٣٥ الى ٣٧]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧)
«١» [المائدة : ٥/ ٣٥- ٣٧].

(١) الزّلفى بفعل الطاعات وترك المخالفات.


الصفحة التالية
Icon