تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٦
و يتعلم الناس منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه، وليس للسحر ونحوه من الحسد والعين والمرض المعدي ضرر بذاته، إلا بإذن اللّه ومراده، وذلك على وفق قانون السببية، أي إنه مجرد وسيلة أو سبب قد يرتبط المسبب أو النتيجة به، ويتحقق الأذى، إذا شاء اللّه، فالله هو الذي يوجد المسببات، حين حصول الأسباب، وقد لا تتحقق النتائج بمراد اللّه تعالى. قال الحسن البصري : من شاء اللّه منعه، فلا يضرّه السّحر، ومن شاء خلّى بينه وبينه فضرّه.
ومن تعلم السّحر وعمل به، فإنه يتعلم ما يضرّه ولا ينفعه، لأنه سبب في إضرار الناس، ولأنه قصد الشّر، فيكرهه الناس لإيذائه، ويعاقبه اللّه في الآخرة لإضرار غيره، وإفساده المصالح.
وتالله لقد علم اليهود بأنّ من ترك كتاب اللّه، وأهمل أصول الدين وأحكام الشريعة التي تسعد في الدارين، واستبدل به كتب السّحر، ليس له في الآخرة إلا العذاب، وكأن هذه عملية بيع الآخرة بالدنيا، وليس له في الآخرة من نصيب من الخير.
ولبئس ما باعوا به أنفسهم باتخاذ السّحر محل التوراة، فهم جهلة لا يعلمون حرمة السّحر علما صحيحا.
ولو أن اليهود آمنوا الإيمان الحق بالتوراة، وفيها البشارة بنبي آخر الزمان، وآمنوا بالقرآن، وتركوا كتب السّحر والشّعوذة، واتّقوا اللّه بالمحافظة على أوامره واجتناب نواهيه، لاستحقّوا الثواب العظيم من عند اللّه، جزاء على أعمالهم الصالحة، وهو خير لهم لو كانوا يعلمون العلم الصحيح النافع.