تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٩٢
و لا تحلّوا ما حرّم اللّه، ظنّا منكم أن هذا خير، فإن كل ما لم يشرعه اللّه هو شرّ لا خير فيه، وهو إما تشدّد في الدين من غير مسوّغ، أو تهاون وتقصير وتجاوز لشريعة اللّه. والأمر بالتقوى بعد بيان الحلال الطيب من المطاعم للإرشاد إلى أنه لا منافاة ولا تغاير بين الاستمتاع بطيبات الرزق وبين التقوى أو الوصول إلى أرقى درجات القرب المعنوي من اللّه تعالى والظفر برضوانه.
كفارة اليمين
على المؤمن أن يحترم عهد اللّه وميثاقه، ويعظّم ذات اللّه وجلاله، فيبتعد عن كل مظاهر الإخلال بهيبة اللّه وقدسيّته، وإذا حلف بالله تعالى وجب عليه صون يمينه إذا كان الأمر المحلوف عليه قربة أو طاعة، وجاز له مخالفة مقتضى اليمين بل يجب إذا كان المحلوف عليه معصية، ولا مؤاخذة في الأيمان التي تجري عفوا على اللسان دون قصد اليمين، مثل : لا واللّه وبلى واللّه لتأكل أو تشرب أو تجلس أو تزورنا، وإنما المؤاخذة الشرعية على الأيمان المتعمدة التي يقصدها الحالف مريدا التزامها، فإذا ندم عليها، فإن الشّرع يسّر عليه الأمر، ورخّص له عند الحنث بيمينه إخراج ما يسمى بكفارة اليمين.
قال اللّه تعالى :
[سورة المائدة (٥) : آية ٨٩]
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)
«١» «٢» [المائدة : ٥/ ٨٩].
(٢) قصدتم الحلف.