تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٣٥
شي ء، كما يقال عليه : موجود، ولكن ليس كمثله تبارك وتعالى شي ء، فالله شي ء لا كالأشياء. وهذه الآية للرّد على المشركين القائلين للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : من يشهد لك بأنك رسول اللّه؟ فنزلت الآية.
وأردفها اللّه بأمر نبيّه بأن يخبر قومه : بأنه أوحي إلي هذا القرآن لأخوّفكم به العقاب والآخرة على تكذيبي، وأخوف به كل من بلغه هذا القرآن من العرب وغير العرب (العجم) فهو نذير لكل من بلغه وعلم به، ينذر من عصاه بالنار، ويبشّر من أطاعه وآمن به بالجنة، قال تعالى : إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً [البقرة : ٢/ ١١٩].
روى عبد الرّزاق عن قتادة في قوله تعالى : لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«بلّغوا عن اللّه، فمن بلغته آية من كتاب اللّه، فقد بلغه أمر اللّه».
في رواية أخرى :«يا أيها الناس، بلّغوا عني ولو آية، فإنه من بلّغ آية من كتاب اللّه تعالى، فقد بلغه أمر اللّه تعالى، أخذه أو تركه».
ومن أهم خصائص دعوة النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم التصريح بأن الإله إله واحد، وهو اللّه عزّ وجلّ، وأن هذا النّبي بري ء مما يشرك به العرب وغيرهم من الأصنام والأوثان وغيرها.
إقرار غير المؤمنين بالحق والتوحيد
من المعلوم أن الحقيقة مرّة، وأن الاعتراف بها يحتاج إلى جرأة وصراحة، وقوة إيمان وصفاء نفس، ولكن هذا الإقرار تحجبه أحيانا كثيرة المؤثرات المصلحية والعوامل المادّية والتّخوف من فقدان المنصب والجاه، وضياع الذّات، وخسارة ولاء الأتباع والأنصار، والدليل على حجب الحقيقة الدينية الكبرى : اعتراف أهل الكتاب بصدق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم في دعوته، وإعلان المشركين في الآخرة أنهم ما كانوا مشركين، قال اللّه تعالى :