تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٠
أخي عيسى، ورؤيا أمي»
و قد تحققت هذه الدعوة الكريمة من إبراهيم عليه السّلام، وكان النّبي صلّى اللّه عليه وسلم هو موضع تحقيق هذه الدعوة، وأهل الكتاب يعرفون ذلك، لولا بغيهم وحسدهم وظلمهم.
اتّباع ملّة إبراهيم عليه السّلام
كان أبو الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام على ملّة التوحيد الخالصة لله، وهي الملّة الحنيفية، وكان نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلم قبل البعثة يتعبّد على ملّة إبراهيم، واستمر على اتّباع تلك الملّة بعد البعثة بأمر اللّه عزّ وجلّ في قوله : ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً «١» وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣) [النّحل : ١٦/ ١٢٣].
روي أن عبد اللّه بن سلام دعا ابني أخيه : سلمة ومهاجرا إلى الإسلام، فقال لهما : قد علمتما أن اللّه تعالى قال في التوراة : إني باعث من ولد إسماعيل نبيّا، اسمه أحمد، فمن آمن به فقد اهتدى، ومن لم يؤمن به فهو ملعون، فأسلم سلمة، وأبى مهاجر، فنزلت فيه الآية :
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٣٠ الى ١٣٢]
وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢)
«٢» «٣» «٤» [البقرة : ٢/ ١٣٠- ١٣٢].
لقد أمر اللّه إبراهيم بالانقياد والطاعة لله، فما كان منه إلا أن أسرع بالانقياد والامتثال شأن المصطفين الأخيار، قال : أسلمت لله ربّ العالمين ومالك يوم الدّين.
(٢) جهلها وامتهنها وأهلكها.
(٣) اخضع.
(٤) دين الإسلام.