تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٣٤
و ما من عمل يكسبه الإنسان إلا عليه جزاؤه دون غيره، ولا تتحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى وثقلها، فكل إنسان مجزي بعمله : كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ [الطّور : ٥٢/ ٢١] وسيجزي كل عامل بما عمل، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ، والرجوع في نهاية المصير من الذين يلقبون أنفسهم بالحنفاء إلى اللّه وحده دون غيره، فهو الذي يخبركم بجميع أحوال اختلاف الناس في الدين والمعاش، ومجازيكم عليه بحسب علمه وإرادته، ويعلّمكم أن العقاب على الاعوجاج تبيين لموضع الحق.
ثم فتح اللّه للناس ميدان العمل، مطلقا لهم الحرية والخلافة في الأرض، يخلف بعضهم بعضا فيها، بعد إهلاك جيل وإحياء جيل آخر، وهم متمايزون يرفع اللّه بعضهم فوق بعض درجات في الغنى والفقر، والشّرف والجاه، والعلم والجهل، والخلق والشكل، والعقل والرزق، لاختبار الناس في مواهبهم وما أعطاهم اللّه، وبعد هذا الإفساح في ميدان العمل، والحضّ على الاستباق إلى الخير، توعّد اللّه ووعد، تخويفا منه وترجية، فالله سريع العقاب إما في الدنيا وإما في الآخرة، وكل آت يحكم عليه بالقرب ويوصف به، وإن اللّه غفور لمن أذنب وأراد التوبة، رحيم بالعباد.