تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٥٩
ثم ينقلون الخطأ إلى التلاميذ والأتباع، وهذا يتطلب الحذر الشديد من تناقل الأفكار وتوارث الآراء عن طريق المعلمين، قال اللّه تعالى :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٠ الى ٤١]
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)
«١» «٢» «٣» [الأعراف : ٧/ ٤٠- ٤١].
هذه الآية عامة في جميع الكفرة قديمهم وحديثهم، وهي تضع قرارا حاسما منكودا، وتقرر حكما مبرما لا رجعة فيه، وتوضح أن احتمال دخول الكفار الجنة مستحيل أبدا، لا يحدث بحال، فلا يطمع أحد كفر بالله في دخول الجنة، ولا يتأمل إنسان كذّب بآيات اللّه الوصول إلى مستقر رحمة اللّه في الآخرة.
إن الذين كذبوا بآيات اللّه الدالة على وحدانيته وصدق نبيه وصحة النبوات وإثبات المعاد، لا يصعد لهم عمل صالح، لخبث أعمالهم، ومثلهم الذين تكبروا عن آيات اللّه في قرآنه لا تفتحّ لأرواحهم وأعمالهم أبواب السماء، ولا يدخلون الجنة أبدا بحال، فهم مطرودون من رحمة اللّه، فدخولهم الجنة مستحيل، وهو معنى قوله تعالى : وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ أي حتى يدخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا أسلوب شائع بين العرب للدلالة على الاستحالة.
ومثل ذلك الجزاء الشديد الشنيع يجزي اللّه كل من أجرم في حق اللّه، وفي حق نفسه، وفي حق إخوانه المسلمين، ليدل على أن الاجرام هو السبب المؤدي إلى العقاب، وأن كل من أجرم عوقب، ثم كرر ذلك في آخر الآية التالية، فقال :
وَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ لأن كل مجرم ظالم لنفسه.
(٢) ثقب الإبرة.
(٣) فراش أي مستقر.