تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٧٥
القرآن في ثمانية عشر موضعا، في جميعها أنه مخلوق، وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا، ليس في واحد منها إشارة إلى أنه مخلوق.
آداب الدّعاء
اللّه سبحانه وتعالى كامل الملك والسلطان، والقدرة والتدبير، والتّصرف والهيمنة على كل شي ء، فهو الجدير وحده بالسؤال واللجوء إليه، وطلب الحوائج، وقصده في الأمور كلها، كإفراده بالعبادة والخضوع، والتّذلل والمسكنة، ولا يصلح مقصدا في أي أمر غير اللّه، ولا يستحقّ التّعبد والعبادة غير الإله الخالق، والآمر النّاهي، النّافذ أمره ونهيه.
لكن للعبادة أصول، وللدّعاء آداب وقواعد، من هذه الآداب ما جاء في قول اللّه تبارك وتعالى :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)
«١» «٢» [الأعراف : ٧/ ٥٥- ٥٦].
هذا أمر بالدّعاء وتعبّد به، ثم قرن اللّه عزّ وجلّ بالأمر به صفات تحسن معه وتليق بالمتعبّد الدّاعي ربّه بإخلاص وصدق. أرشد اللّه تعالى عباده إلى دعائه الذي فيه صلاحهم في دنياهم وأخراهم، فقال : ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً أي ادعوا اللّه بخضوع واستكانة، وخوف وتذلّل ومسكنة، وإسرار وإخفاء، لأن في إسرار الدعاء وإخفائه بعدا عن الرّياء، وأدبا كريما مع اللّه الذي هو ربّ كل شي ء ومليكه ومتولّي
(٢) سرّا في قلوبكم.