تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٧٦
أمور العباد والمنعم عليهم والسميع لكل شي ء. والأمر بالدعاء لأنه مخّ العبادة، وسبيل اللطف الإلهي والبعد عن الأحداث والمصائب.
جاء في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال : رفع الناس أصواتهم بالدّعاء، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«أيها الناس، اربعوا على أنفسكم «١»، فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم».
وروى أبو الشيخ ابن حيان الأنصاري في الثواب عن أنس رضي اللّه عنه :
«دعوة في السّر تعدل سبعين دعوة في العلانية». وهذا يدلّ على أن الإسرار بالدعاء إذا لم يقصد به التعليم هو الأولى، إلا ما ورد فيه رفع الصوت كالتّلبية في الحج، وتكبير العيدين. واللّه تعالى لا يحبّ المعتدين ولا يرضى عنهم، والاعتداء في الدعاء بالجهر الكثير والصياح، وتجاوز الحدّ، وارتكاب الحظر.
ومن صيغ الدّعاء المأثورة أن يقول الإنسان ويكفيه ذلك :«اللّهم إني أسألك الجنّة وما قرّب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النّار وما قرّب إليها من قول أو عمل».
ومن ألزم شروط الدعاء بعد شرط التّضرع والخفية : استقامة الدّاعي وصلاحه وبعده عن الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، والهداية إلى الانتفاع بها، وتسخيرها لمصالح العباد. والإفساد شامل إفساد الأديان بالكفر والابتداع في الدين، وإفساد النفوس بالقتل وقطع الأعضاء، وإفساد الأموال بالغصب والسرقة والاحتيال، وإفساد العقول بشرب المسكرات ونحوها، وإفساد الأنساب بالإقدام على الزّنى والقذف وغيرهما من الفواحش والموبقات.

(١) ارفقوا بأنفسكم. [.....]


الصفحة التالية
Icon