تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧١٩
مناجاة موسى ربه
تميز موسى عليه السلام عن سائر الأنبياء والرسل بأنه كليم اللّه، كلمه ربه في طور سيناء، وأنزل عليه التوراة المتضمنة للرسالة والتشريع وأحكام الحلال والحرام ودستور الحياة. وتمت المكالمة بعد أن أخبر اللّه تعالى موسى عليه السلام عن موعد محدد لها، يتهيأ فيه للمناجاة بعد ثلاثين ليلة، ثم زاده اللّه في الأجل بعد ذلك عشر ليال، فتم ميقات ربه أربعين ليلة، أي الموعد المحدد للمناجاة بعد هذه المدة، قال اللّه تعالى :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٤٢ الى ١٤٥]
وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْ ءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥)
«١» «٢» «٣» «٤» [الأعراف : ٧/ ١٤٢- ١٤٥].
تصف هذه الآيات كيفية نزول التوراة على موسى عليه السلام التي هي دستور الشريعة، وتذكر أن موسى عليه السلام وعد بني إسرائيل وهو بمصر : إن أهلك اللّه عدوهم، أتاهم بكتاب من عند اللّه، فيه بيان ما يأتون وما يذرون، فلما هلك فرعون، سأل موسى ربه الكتاب.
وتضمنت الآيات أربعة موضوعات : تحديد موعد لموسى لمكالمة ربه، واستخلاف

(١) بدا له شي ء من نور اللّه.
(٢) مدكوكا مفتتا.
(٣) مغشيا عليه. [.....]
(٤) تنزيها لك عن مشابهة المخلوقات.


الصفحة التالية
Icon