تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٤١
عناد قوم موسى عليه السلام
استمرت مظاهر العناد وألوان المخالفة والتمرد والعصيان بين قوم موسى، ولم يقتصر ذلك على جحود النعم الإلهية، وظلم أنفسهم، وترك شكران المنعم المتفضل عليهم، وإنما تمادوا في الرفض وإهمال الأوامر الإلهية، سواء ما كان منها متعلقا بحقوق اللّه تعالى أو المصلحة العامة، أو تعلق بحقوق العباد الشخصية، لتطهير النفوس وصقلها وجعلها صافية كالمرآة، فكانوا بهذا الجحود والعناد أهلا لنزول العذاب عليهم بسبب ظلم أنفسهم، قال اللّه تعالى :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦١ الى ١٦٢]
وَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢)
«١» «٢» [الأعراف : ٧/ ١٦١- ١٦٢].
إن عالم الدنيا عالم ابتلاء واختبار لأهل الإيمان، يختبر اللّه تعالى عباده بألوان مختلفة من البلايا، إما في مجال النعمة، فيغدقها عليهم، وإما في مجال النقمة أو المحنة، فيسلطها عليهم، ليعرف المؤمن والكافر، والطائع والعاصي، والساخط والصابر، وهذا أنموذج من اختبارات بني إسرائيل.
يذكّر اللّه تعالى بني إسرائيل المعاصرين لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام بما حصل من أسلافهم، وهم في الواقع ملومون مثل أصولهم لرضاهم بأفعال السلف، وإقرارهم بما صنعوا، ولو أمروا بمثل تلك الأوامر لخالفوا وعصوا مثل أسلافهم، أمرهم اللّه تعالى بأن يدخلوا قرية من القرى أي مدينة، والعرب تسمي المدينة قرية،
(٢) عذابا.