تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨١
و كونه خاتم النّبيين، هم قوم بعيدون عن الحق، مغرقون في الضّلال، ففعلهم هذا بقصد الحفاظ على رياسة كاذبة، والحصول على الأموال والهدايا أشدّ المنكرات، إنهم باعوا الخير والهدى بثمن بخس قليل لا ينفع، ولا يأكلون في بطونهم على التحريف والتغيير إلا ما يؤدي بهم لدخول النار، وهم بهذا الفعل الشنيع يستحقون غضب اللّه ولعنته، ولا يكلمهم اللّه يوم القيامة كلام رحمة، ولا يثني عليهم بالخير كما يفعل مع أهل الجنة، وللكافرين عذاب شديد مؤلم في الدنيا والآخرة.
وأكّد اللّه تعالى على سوء صنعهم بأنهم استبدلوا الضّلالة بالهدى، واستحقّوا العذاب بدل المغفرة، فما أجرأهم على الضّلال، وما أصبرهم على نار جهنم، فإنهم ارتكبوا ما يوجب دخول النار من غير مبالاة منهم، واللّه أراد من إنزال الكتاب السماوي إقرار الحق، ودحر الباطل، وهداية الناس، فمن منع ذلك عن الناس حارب اللّه، وإن الذين اختلفوا في كتب اللّه، فقالوا : بعضها حقّ، وبعضها باطل، لفي مخالفة بعيدة عن الحق.
هذه الآيات التي تحرّم كتمان أحكام اللّه تشمل أيضا علماء المسلمين إذا كتموا الحقّ مختارين لذلك، لسبب دنيا يصيبونها أو مصلحة دنيوية يحققونها.
حقيقة البر
يظن بعض الناس خطأ أن الدين أو البر والخير هو في العبادة وحدها دون ما سواها، وهذا غير صحيح، فإن البر والدين بناء متكامل وميزان شامل، يشمل العقيدة والعبادة والأخلاق وتنظيم العلاقات الاجتماعية، وقد أنزل اللّه تعالى آية في القرآن الكريم جمعت أصول البر كلها، وخاطبت المؤمنين بأنه ليس البر الصلاة وحدها، كما خاطبت غير المؤمنين الذين اختلفوا في التوجّه إلى القبلة، فاليهود