تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٢٤
و أما هؤلاء الأسرى فإن يريدوا خيانتك أيها النبي بإظهار الإسلام والمسالمة، ثم نقض ما عاهدوك عليه، فلا تخف خيانتهم، فإنهم قد خانوا اللّه من قبل بدر بالكفر، فأمكنك منهم يوم بدر، وإن عادوا إلى الخيانة فسيمكّنك اللّه منهم، ويسلّطك عليهم فتهزمهم، واللّه عليم بنواياهم، حليم في تدبيره وصنعه، فينصر المؤمنين على الكافرين.
الروابط الإسلامية
استأصل الإسلام منذ فجر دعوته الإصلاحية الكبرى كل المعاني والروابط القبلية والعنصرية والعرقية، وأحل محلها روابط أخلد وأقوى وأمتن، وهي روابط الإيمان والهجرة والجهاد والإيواء والنصرة وقرابة النسب أو الدم، وكان المسلمون في صدر الدعوة الإسلامية أصنافا أربعة في مواجهة الأعداء وهم :
١- المهاجرون الأولون قبل معركة بدر وقبل صلح الحديبية.
٢- الأنصار : أهل المدينة الذين آووا إخوانهم المهاجرين ونصرهم.
٣- المؤمنون الذين لم يهاجروا.
٤- المؤمنون الذين هاجروا بعد صلح الحديبية.
وهذا التصنيف هو ما ذكرته أواخر سورة الأنفال في قوله تعالى :
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٧٢ الى ٧٥]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٧٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (٧٣) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (٧٥)