تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٢٥
«١» [الأنفال : ٨/ ٧٢- ٧٥].
نزلت آية : وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.. فيما روى الطبري وغيره في رجل قال :«نورّث أرحامنا المشركين». ونزلت آية وَأُولُوا الْأَرْحامِ فيما روى الطبري أيضا في إلغاء التوارث بالتعاقد والولاء، فكان الرجل يعاقد الرجل فيقول له : ترثني وأرثك.
ومقصد هذه الآيات تبيين منازل المهاجرين والأنصار والمؤمنين الذين لم يهاجروا، والكفار، والمهاجرين بعد صلح الحديبية، وبيان نسب بعضهم من بعض، حيث أحلّ اللّه قرابة الإسلام محل قرابة النسب والكفر، فقدم اللّه تعالى التنويه بالمهاجرين من مكة إلى المدينة، وهم أصل الإسلام، واتصفوا أي المهاجرون بصفات أربع :
صفة الإيمان الصادق بالله ورسوله، والهجرة في سبيله من أوطانهم، والجهاد بالمال والنفس والنفيس في سبيل اللّه، وأولية الإقدام على هذه الأفعال.
وهم أصحاب الهجرة الأولى قبل غزوة بدر إلى صلح الحديبية سنة ست من الهجرة، فهم الأفضل والأكمل في الإسلام، لأنهم خرجوا من ديارهم وأموالهم، وتركوها في مكة، وجاؤوا لنصرة اللّه ورسوله وإقامة دينه، وفروا بدينهم من فتنة المشركين، إرضاء لله تعالى ونصرا لرسوله صلّى اللّه عليه وسلم، جاهدوا بأموالهم فأنفقوها في التعاون والدفاع عن دين اللّه، وجاهدوا بأنفسهم، فقاتلوا الأعداء، وصبروا على الأذى والشدائد.

(١) أصحاب القرابة.


الصفحة التالية
Icon