تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٠٥٦
- ٢- معجزة النّاقة
علم الله تعالى ما في طبع البشر من العناد والاستبداد، والمطالبة بالدليل على صدق الدعوة، فأيّد رسله وأنبياءه الكرام بالمعجزات لتدلّ على صدقهم، والمعجزة :
هي الأمر الخارق للعادة والإمكانات البشرية المألوفة. ومن غرائب المعجزات : ناقة صالح عليه السّلام، سواء في طريقة إيجادها، أم في نتاجها ولبنها، فهي بخلق مباشر من الله تعالى من غير تناسل ولا توالد، وتدرّ لبنا غزيرا لا ينفد ولا ينقطع، تكفي جميع أبناء القبيلة الذين يحلبون منها ما شاؤوا، دون أن يجفّ الضّرع أن ينضب اللبن.
وهذا ما أخبر به القرآن الكريم في الآيات التالية :
[سورة هود (١١) : الآيات ٦٤ الى ٦٨]
وَ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [هود : ١١/ ٦٤- ٦٨].
هذه معجزة النّاقة. روي أن قوم صالح طلبوا منه آية تضطرهم إلى الإيمان، فأخرج الله جلّت قدرته لهم النّاقة من الجبل. وخرجت عشراء، ووضعت بعد خروجها، فمنحها صالح عليه السّلام لهم قائلا :
هذه آية على صدقي ناقة الله، التي تتميز عن سائر الإبل بأكلها وشربها وغزارة

(١) معجزة دالّة على نبوّتي.
(٢) صوت مهلك.
(٣) ميتين لا حراك لهم.
(٤) لم يقيموا فيها طويلا برغد.
(٥) هلاكا لهم.


الصفحة التالية
Icon