تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١١٢٠
بنيامين مع إخوته إلى مصر
محنة جديدة يتعرّض لها يعقوب عليه السّلام بإرسال ابنه الآخر بنيامين شقيق يوسف عليه السّلام مع إخوته إلى مصر في الرحلة الثانية لجلب الطعام، وربما كانت هذه المحنة أشدّ على يعقوب لأنه فقد الأنيس الجليس والحبيب الأثير من أولاده، ولكن ليتم مراد الله وقدره والتسليم لحكمه، ويتمهّد الطريق للقاء الأسرة الكريمة في بلاد مصر. وهذا ما قصّه القرآن الكريم في حديث مؤثّر محزن، قال الله تعالى :
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٦٣ الى ٦٦]
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥) قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» [يوسف : ١٢/ ٦٣- ٦٦].
عرض إخوة يوسف على أبيهم في هذه المرة ما حدث معهم بكل أمانة وصدق مع عزيز مصر حين شراء القمح، فقالوا له : يا أبانا منع عنا عزيز مصر إعطاء الطعام وكيله لنا في المستقبل، فإن لم ترسل معنا أخانا بنيامين، لا نكتل، فأرسله معنا لجلب الطعام بقدر عددنا، وإنا له لحافظون من كل مكروه وسوء في الذهاب والإياب، فلا تخف عليه، فإنه سيرجع إليك بمشيئة الله، ونوفي للعزيز الذي أكرمنا بما شرط علينا.
قال يعقوب الشيخ الحزين عليه السّلام المتألّم من فراق بنيامين، لما رأى من المصلحة : كيف أئتمنكم عليه؟ وقد فعلتم بأخيه يوسف ما فعلتم، وعاهدتموني
(٢) رحالهم.
(٣) ما نطلب من الخير والإحسان بعد ذلك؟ [.....]
(٤) نجلب لهم الطعام من مصر.
(٥) عهدا مؤكّدا باليمين.
(٦) تغلبوا.
(٧) مطلق رقيب.