تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١١٥٢
نعمة وعافية، وراحة وسلامة، فيزيلها عنهم إلا بتغيير ما بأنفسهم، بأن يصدر منهم الظلم والعصيان والفساد وارتكاب الشرور والآثام.
وإذا أراد الله تعالى بقوم سوءا من فقر أو مرض أو احتلال وغير ذلك من أنواع البلاء، فلا يستطيع أحد أن يدفع ذلك عنهم، وما لهم من غير الله تعالى ناصر يلي أمورهم، ويدفع عنهم الضّرر، فلا أحد يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم الضّرّ. وهذا دليل واضح على أن الله قادر على كل شي ء، ومتمكّن من إيقاع العذاب بالناس في أي زمن ومكان، فليس من الحكمة والمصلحة في شي ء استعجال العذاب، فلكل أجل كتاب، ولكل عمل ميعاد. والشّر والخير بمنزلة واحدة، إذا أرادهما الله بعبد لم يردّ، وهذا تخويف وإنذار.
قدرة الله تعالى
أقام الله تعالى في قرآنه أدلّة واضحة قاطعة على قدرته وحكمته، منها نعمة وإحسان أحيانا، ومنها عذاب ونقمة وقهر أحيانا أخرى، والتّردد بين الحالين : حال النعمة وحال النقمة دليل على الشمول والعموم، لكل حال من الأحوال، ليعرف العبد أن الله ربّ العالمين صاحب السلطان المطلق، والإرادة النافذة التامّة في كل أمر من الأمور، وفي كل شأن من الشؤون. والتذكير بهذا لفت نظر إلى أن الله تعالى لا يغيب وجوده وتأثيره عن أي شي ء. قال الله تعالى مبيّنا هذا التّلازم بين الوجود الإلهي في جميع الأشياء وبين مختلف الأشياء :
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١٢ الى ١٥]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ ءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥)
«١»