تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١١٥٥
«ظلّ الكافر يسجد طوعا وهو كاره» وقال ابن عباس :«يسجد ظلّ الكافر حين يفي ء عن يمينه وشماله».
وجود الله ووحدانيته
لا سبيل للعقلاء إلا الإقرار أو الاعتراف بوجود الله وتوحيده، فلو تأمّل الإنسان بفكر هادئ، وموازنة بسيطة بين الأشياء، وحال الكون، لأدرك في النهاية الحتمية، أن الله موجود متصرّف في العالم، قادر على كل شي ء، واحد لا إله غيره، ولا سلطان في السماوات والأرض لأحد سواه. وعلى الرغم من أن الله تعالى يسجد له جميع من في السماوات والأرض ويخضع لقدرته وعظمته، فإن عبدة الأصنام ينكرون الوحدانية، فناقشهم القرآن لإثبات وحدانية الألوهية والرّبوبية، حتى لا يجدوا مناصا من إعلان التصديق بها، قال الله تعالى واصفا هذا النقاش :
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٦]
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)
[الرّعد : ١٣/ ١٦].
إن من أبسط الأمور والبديهيات أن الله وحده هو خالق السماء والأرض وما فيهما، وكل شي ء في الوجود يعلن أنه مربوب لله، خاضع لسلطانه. ومع هذا جاء السؤال للتقرير والتثبيت، يأمر الله رسوله بسؤال المشركين، من خالق السماوات والأرض؟ وبما أن السؤال عن أمر وتقرير الجواب عنه واضح كل الوضوح، لا مجال لأحد بدفعه والجدال فيه، وإلزام الحجة به، جاء الجواب من غير انتظار :
الله هو ربّ السماوات والأرض، كما قال تعالى في آية أخرى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان : ٣١/ ٢٥]. وقل لهم : آن لكم إذن أن تقولوا :