تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٢، ص : ١٦٣٠
المطلقة، فلا رادّ لقضائه، ولا معقب لحكمه، إنه سبحانه يدخل المؤمنين الجنة بحق وعدل، ويدخل الكافرين النار بحق وعدل، المؤمنون بسبب إطاعتهم لله تعالى، والكافرون بسبب عصيانهم أوامر الله تعالى.
إن بيان أحوال هذه الفئات الثلاث والموازنة بينهم، يكون خير ترجمان عن واقع الناس، وعن مصائرهم يوم القيامة، فهل من تفكير بإيمان صحيح، وهل من مسعى حميد نحو الطاعة، والفرار من المعصية؟
مناقشة اليائس من النصر
جرت العادة أن كل رسول أو سفير عن غيره يكون محميا ومؤيدا بقوة وسلطان من أرسله، ليتمكن من أداء مهمته على الوجه الأكمل، ويعود سالما غانما إلى مقره ووطنه، والله تعالى أشد غيرة وأعظم سلطانا وتأييدا لرسله الذين بعثهم لهداية البشرية، فيحميهم من أعدائهم، وينصرهم على مخالفيهم في نهاية الأزمة والمحنة، لذا وبخ الله تعالى أولئك الفئة من الناس وهم ضعاف الإيمان أو عديمو الإيمان على ما طرأ عليهم من القلق، وعلى ظنهم أن الله تعالى لن ينصر محمدا عليه الصلاة والسلام وأتباعه، وأبان الله لهم أنه سبحانه أمر نبيه ومن آمن معه بالصبر وانتظار الوعد الإلهي، وأنزل على رسوله الآيات البينات التي يبلغها لقومه، وللناس أجمعين، فقال الله تعالى :
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٥ الى ١٦]
مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)
«٢» «٣» «٤» «٥» [الحج : ٢٢/ ١٥- ١٦].

(١) ينصر الله رسوله.
(٢) بحبل.
(٣) الجمهور على أن القطع هنا هو الاختناق.
(٤) صنيعه بنفسه.
(٥) في موضع خبر الابتداء، والتقدير : والأمر أن الله يهدي من يريد.


الصفحة التالية
Icon