تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٥٤
الخوف من اللّه والخوف من غيره، فإذا كان الإنسان مؤمنا بالله ورسوله فلن يكون كافرا أو منافقا، والمعنى : لا يجتمع في قلب واحد اعتقادان، أو اتجاهان متضادان، يأمر أحدهما بشي ء والآخر بضده.
ولم يجعل اللّه الزوجات المظاهر منهن كالأمهات في الحرمة، بأن يشبه الرجل امرأته بإحدى محارمه، كأن يقول : أنت علي كظهر أمي، فذلك منكر من القول وزور. ولم يجعل اللّه أيضا الأدعياء المدعى بنوتهم بالتبني أبناء في الحقيقة، فالولد منسوب لأبيه الحقيقي، لا لمن يدعيه ابنا له، والتبني حرام، لمنافاته الحق والعدل، وهذه الآية لإبطال التبني.
إن المذكور كله في الآية من الأمور الثلاثة : ادعاء القلبين، واجتماع الزوجية مع الظهار، والتبني مع النسب : هو مجرد قول باللسان، لا يغير من الحقيقة، فلا يكون هناك قلبان لأحد، ولا تصبح الزوجة بالظهار أما، ولا يصبح الولد المتبنى ابنا في الحقيقة، واللّه تعالى هو الذي يقرر الحق الثابت والصدق والعدل والواقع، ويرشد إلى السبيل الأقوم الصحيح.
وعليكم أن تنسبوا الأولاد الذين تبنيتموهم إلى آبائهم الحقيقيين، فذلك أعدل في حكم اللّه وشرعه، وأصوب من نسبة الابن لغير أبيه، فإن جهلتم آباء الأدعياء، فهم إخوة في الدين وأنصار لكم وبنو عمومتكم، ولا إثم عليكم بنسبة بعض الأولاد لغير آبائهم خطأ، أي نسيانا في الماضي قبل النهي، وإنما الإثم يحصل بتعمد نسبة الابن لغير أبيه، وهو يدري أنه ابن غيره، وكان اللّه واسع المغفرة، شامل الرحمة لمن تاب وأناب، أي لما مضى من فعلهم في ذلك، والمغفرة والرحمة صفتان مطّردتان في كل شي ء. والخطأ في الآية : بمعنى النسيان، وليس مقابل العمد.