تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٥٧
صدقها، على معنى إقامة الحجة والتقرير، فتجيب بأنها قد صدقت اللّه تعالى في إيمانها وجميع أفعالها، فيثيبها اللّه على ذلك. وفرقة كفرت، فينالها ما أعد لها من العذاب الأليم. إن إنزال الشرائع بقصد الاختبار، ليعرف المؤمنون الصادقون، ويتميز الكافرون الجاحدون، بعد اختيار كل فريق اتجاهه. والصدق في هذه الآية : إما المضاد للكذب في القول، وإما صدق الأفعال واستقامتها.
والكلام مشعر بضرورة اختيار الأفضل، وهو الإيمان الصحيح لتحقيق النجاة والفلاح، وترك أضداد الإيمان، من الكذب والنفاق والشرك والرياء.
أحداث غزوة الخندق
- ١- تجمع الأحزاب والمنافقين
نزلت في سورة الأحزاب آيات بينات في شأن غزوة الخندق وما اتصل بها من أمر بني قريظة في السنة الخامسة من الهجرة، حيث اجتمع حول المدينة عشرة آلاف أو أكثر، وهو أكبر تجمع للمشركين واليهود وأهل الكتاب، للقضاء على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وصحبه، وهي تظاهرة خطيرة، بعد إجلاء يهود بني النضير من المدينة، فخرجوا إلى مكة مستنهضين قريشا إلى حرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وجسّروهم على ذلك، فتجمعت جموع قريش من كنانة وغطفان وبني أسد وأهل نجد وتهامة واليهود، وتحزبوا وأزمعوا السير إلى المدينة بقيادة أبي سفيان بن حرب، فعلم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك، فحفر الخندق حول ديار المدينة وحصّنه، وكان أمرا لم يعهده العرب، وإنما كان من أعمال فارس والروم، وأشار به سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، وجاء وصف هذه الغزوة في الآيات الآتية :