تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٨٥
صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد».
والصلاة والسلام على النبي واجبة مرة في العمر، عملا بالأمر المقتضي للوجوب، وهو : صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا وهي حينئذ مثل كلمة التوحيد، لأن الأمر لا يقتضي التكرار، وإنما يدل على الماهية المطلقة عن قيد التكرار والمرة. ويسن الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله في المناسبات المختلفة ولا سيما في يوم الجمعة وعند زيارة قبره صلّى اللّه عليه وسلم، وبعد النداء للصلاة، وفي صلاة الجنازة.
أخرج الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم :«رغم أنف رجل ذكرت عنده، فلم يصلّ علي..».
وشأن التشريف والتعظيم للنبي من الله وملائكته والأمر بالصلاة والسلام عليه، يستوجب تحريم الأذى والإخلال بقدره، لذا عقب الله ذلك بالتهديد بالعقاب لكل مؤذ، فإن الذين يصدر منهم إيذاء الله ورسوله، لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وطردهم من رحمته وأبعدهم عن كل خير، وأعد لهم عذابا ذا إهانة وإذلال وتحقير في نار جهنم. وإيذاء الله معناه : الكفر به، ونسبة الصاحب والولد والشريك إليه، ووصفه بما لا يليق به.
أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي قتادة رضي الله عنه في الآية : أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال فيما يروي عن ربه عز وجل :«شتمني ابن آدم، ولم ينبغ له أن يشتمني، وكذبني ولم ينبغ له أن يكذبني، فأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد، وأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني»،
أي إنه ينكر البعث.
وإيذاء الرسول صلّى اللّه عليه وسلم : يكون بما يؤذيه من الأقوال والأفعال، كأن يقال عنه : إنه ساحر، أو شاعر، أو كاهن أو مجنون. وروي عن ابن عباس : أن الآية نزلت في الذين طعنوا على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في تزوجه صفية بنت حيي بن أخطب.