تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٩٧
و البعث مستبعدا غير قائم، وأن إعادة الأجساد أحياء ضرب من البعث، وتعاموا عن قدرة اللّه الخارقة، وأنه قادر على خسف الأرض بهم، أو إسقاط شهب نارية من السماء تحرقهم، وهذا ما ذكرته الآيات الآتية :
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٦ الى ٩]
وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ (٨) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩)
[سبأ : ٣٤/ ٦- ٩].
الإيمان : يقين وتصديق واطمئنان في النفس، وأهل الإيمان والعلم يرون رؤية متيقنة أن الوحي الذي أنزله اللّه تعالى على نبيه محمد صلّى اللّه عليه وسلم حق مؤكد ثابت، وأنه يهدي (أي يرشد) إلى الطريق الأقوم، والحياة السعيدة، ويدركون أن القرآن يرشد المتبعين له إلى طريق اللّه ذي العزة والقوة والجبروت، وأنه القاهر لكل شي ء، والمحمود في جميع أقواله وأفعاله وشرائعه وأقداره. والطريق المستقيم : هو الطريق المعتدل، وأراد طريق الشرع والدين القويم.
والكفر : زيغ، وضلال، وانحراف وخطأ محض، ويقول الكافرون على سبيل الهزء والسخرية والتعجب : هل ندلكم على شخص يسمى محمدا يخبركم بخبر غريب، وهو أنكم إذا بليتم وصرتم ترابا، وتمزقت أجسادكم قطعا متفرقة، تعودون بعدئذ أحياء كما كنتم مرة أخرى؟! إن حال هذا الرجل لا يخلو أن يكون إما كذابا يدّعي الوحي من ربه، وإما أنه مجنون لا يعقل ما يقول، ويتوهم البعث. وهذا قول الكافرين، الذين قالوا :