تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٥٥
بالمخاطر والأهوال قالوا : هذا الذي وعد به الرحمن، وصدق الرسل المرسلون في الإخبار عنه، أي إنهم أقروا بصدق الرسل في يوم لا ينفع فيه التصديق.
ثم وصف الله سرعة البعث بأنها ما هي إلا صيحة واحدة : وهي صيحة القيامة والنفخة الثانية في الصور، فإذا هم أحياء مجموعون لدى الله بسرعة للحساب والجزاء، كما جاء في آية أخرى : فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) [النازعات : ٧٩/ ١٣- ١٤]. وقال الله تعالى : وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ [النحل : ١٦/ ٧٧].
ثم يكون القضاء العدل الحاسم، ففي يوم القيامة لا تبخس نفس شيئا من عملها مهما قلّ، ولا توفوّن أيها الناس إلا ما عملتم من خير أو شر، كما قال الله سبحانه : وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) [الأنبياء : ٢١/ ٤٧].
أهل الجنة وأهل النار
كل عامل يلقى ثمرة عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فلا يستغربن أحد أن نتيجة عمله تلازم العمل، وتكون هي الغاية والهدف، فالمحسن الصالح يتلقى من ربه الكريم ثوابا صالحا بفضل الله وكرمه ورحمته، والمسي ء المفسد يجازى بسوء فعله وقوله وفساده، حقا وعدلا، وهذا مثل الطالب الذي يعدّ نفسه للامتحان، إن اجتهد وأتقن دراسته، ووعى وفهم وتمثل ما قرأه، وصلح حاله واتقى ربه في كل شؤونه، نجح وتباهي أمام الناس، وإن تكاسل وفرط، ونام، وأضاع وقته في اللهو والفساد، ولم يدرس كتابه دراسة وافية، رسب وذلّ وتصاغر أمام الآخرين. وهذا هو قانون الله في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى :


الصفحة التالية
Icon