تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٥٦
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٥ الى ٦٨]
إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)
أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)
«١» «٢» «٣» [يس : ٣٦/ ٥٥- ٦٨].
هذه أوصاف فيها موازنة دقيقة بين جزاءين : جزاء المحسنين وجزاء المسيئين. أما المحسنون : فهم المؤمنون الصالحون المنزلون في روضات الجنات يوم القيامة، المشغولون بما يتمتعون به من النعيم والتفكر عما فيه أهل النار من العذاب.
وفاكِهُونَ : فرحون طربون، وليس التمتع مقصورا عليهم، وإنما هم وأزواجهم في الجنة في ظلال وارفة، يتكئون على الأرائك، أي الوسائد والأسرّة والفرش الناعمة. والأرائك : السرر المفروشة، وتقدّم لهم أنواع الفاكهة، وغير ذلك مما يتمنون ويشتهون. ويحيّون من الله تعالى الرب الرحيم بعباده بالسلام، أي الأمان من كل مكروه، يقول لهم الله : سلام عليكم يا أهل الجنة.
وأما المسيئون : فهم الأشقياء أهل النار الكافرون، فيقال لهم : تميزوا في موقفكم وانفصلوا عن المؤمنين، أيها المجرمون. وهذه معادلة لقوله تعالى لأصحاب الجنة :
(٢) أي خلقا كثيرا.
(٣) نقلبه على رأسه ونغير خلقه من قوة إلى ضعف، ومن نضارة إلى ذبول.