تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٧٠
مبادئه التوحيد، وصدّق في ذلك الأنبياء المرسلين فيما جاؤوا به من التوحيد، والوعد، والوعيد، وإثبات المعاد، ولم يخالفهم في تلك الأصول.
ومن حوادث عرض كلمة التوحيد على غير المؤمنين :
أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأبي طالب :«أي عم، قل : لا إله إلا الله، أحاجّ لك بها عند الله» فقال أبو جهل :
أ يرغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال آخر ما قال : أنا على ملة عبد المطلب. وبعرضه عليه الصلاة والسّلام قول : لا إله إلا الله، جرت السنة في تلقين الموتى المحتضرين، ليخالفوا الكفرة في نهاية العمر، ويخضعوا لكلمة التوحيد.
جزاء المؤمن والكافر
العدل الإلهي المطلق : هو أساس الجزاء والحساب في الآخرة، وليس هناك تمييز ولا استئناف، وإنما القرار مبرم حاسم، والتنفيذ محقق وسريع، فمن آمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن دستورا ومنهاجا، وبمحمد نبيا ورسولا، وبالكعبة المشرفة قبلة، كان من الناجين السعداء في جنان الخلد، ذات النعيم المادي المترف ذي الألوان المختلفة، والنعيم النفسي التام، حيث لا همّ ولا قلق، ولا حزن ولا تعب، ومن جحد بالله أو أشرك به، ولم يؤمن برسوله، ولا بالقرآن الكريم، فهو في عذاب مستمر في نيران جهنم، مع المعاناة الدائمة والقلاقل المستمرة، وجزاء الفريق بحسب العمل في الدنيا، قال الله تعالى مبينا ذلك :
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٣٨ الى ٦١]
إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢)
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧)
وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)
أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧)
أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)