تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٨٩
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٤٩ الى ١٧٠]
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣)
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨)
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)
وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)
لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)
«١» «٢» «٣» [الصافات : ٣٧/ ١٤٩- ١٧٠].
هذه مناقشات للقرشيين المشركين في مكة في عقائدهم، حول إثبات التوحيد، ونفي الشرك، وإثبات البعث يوم القيامة. بدأت بعبارة الاستفتاء أي السؤال بمعنى التوبيخ والتقريع على أقوالهم المفتراة، فاسألهم يا محمد على سبيل التوبيخ والتأنيب :
كيف تجعلون لله البنات، وأنتم تكرهونهن أشد الكره، ولكم البنون الذين تحبونهم وتعتمدون عليهم في الغزو وتقوية القبيلة؟
إنها قسمة جائرة، وتوزيع عجيب غريب، ينسبون لله النوع الذي لا يختارونه لأنفسهم، كما جاء في آية أخرى : أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢) [النجم : ٥٣/ ٢١- ٢٢] أي جائرة.
بل كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث، وما شاهدوا خلقهم؟ فمثل ذلك الحكم يحتاج لمشاهدة، وهم لم يشاهدوا بدء خلق الملائكة، فلا دليل لهم على مزاعمهم. ألا إن قولهم هذا من محض الكذب والافتراء، الذي لا دليل عليه ولا شبهة دليل، وإن
(٢) بحاملين على الفتنة والإضلال.
(٣) أي الداخل النار. [.....]