تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٩١
من المعرفة والعبادة والمكان لا يتجاوزها، فهم درجات في طاعة اللّه تعالى، وإننا لنحن الصافون صفوفا في مواقف العبادة.
أخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال : كان الناس يصلّون متبددين، فأنزل الله : وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) فأمرهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يصفّوا.
ثم أورد اللّه تعالى ما كان يقوله المشركون قبل البعثة النبوية إذا عيّروا بالجهل فهم كانوا يقولون : لو كان عندنا كتاب من كتب الأولين كالتوراة والإنجيل، لأخلصنا العبادة لله، ولم نكفر به، فجاءهم النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بالقرآن المجيد، فكفروا به، فسوف يرون عاقبة كفرهم. وهذا وعيد محض، وتهديد على كفرهم بالله ورسوله وقرآنه، لأنهم تمنوا أمرا، فلما جاءهم اللّه به، كفروا واستهواهم الحسد.
مناصرة الرسل عليهم السّلام
سبق القضاء الإلهي الحاسم، وتقرّر فصل الأمر بأن اللّه ناصر رسله المرسلين، وكذلك جنده المؤمنين في الغالب، إذا نصروا دين اللّه تعالى، واستقاموا على أمره، وابتعدوا عن نهيه، وكلّ ما يؤدي لسخطه وغضبه. ونصر أهل الحق والإيمان يقابله هزيمة أهل الكفر والعصيان، والضلال والخذلان، وسيجد كل فريق عاقبته، ونتيجة طريقته، وهذا حق وعدل، وإقرار لما يستوجبه فعل كل إنسان من خير أو شر، وإيمان أو كفر، وإعلان هذا القرار : إعذار وبعد عن أي لوم أو عتاب، قال الله تعالى مبينا هذا الحكم الأزلي الثابت :
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٧١ الى ١٨٢]
وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥)
أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)
وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)