تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢١٩٨
نعم اللّه على داود عليه السّلام وفصله في الخصومة بين رجلين
توالت الأخبار وإيراد قصص الأنبياء السابقين في القرآن الكريم، لتذكّر أحوالهم، والتأسي بهم في صبرهم على أذى أقوامهم، محتسبين الأجر عند اللّه تعالى. وكان الخطاب فيها للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم ليتأسى بهم، ويهوّن عليه إعراض قومه عن دعوته، فتلك هي سيرة الأقوام الماضين مع رسلهم، وفي تلك القصص بيان أنواع النعم الإلهية التي أنعم اللّه بها على أولئك الأنبياء في صراعهم مع أقوامهم، وصبرهم عليهم، ثم نجاتهم وتدمير أعدائهم.
وهذه قصة نبي اللّه داود عليه السّلام، وهي قصة مثيرة للعجب والعبرة، قال الله تعالى :
[سورة ص (٣٨) : الآيات ١٧ الى ٢٦]
اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠) وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١)
إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦)
«١» «٢» «٣» «٤» [ص : ٣٨/ ١٧- ٢٦].

(١) أي صاحب القوة والجلد.
(٢) أي كثير التوبة والرجوع إلى الله.
(٣) أي مجموعة.
(٤) أي الشركاء.


الصفحة التالية
Icon