تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٠٧
أن سليمان كان نبيا ورسولا من الصالحين كأبيه، لم يصدر عنه إلا كل ما هو خير متفق مع مقتضى الرسالة، ودعوة الناس إلى عبادة اللّه وشكره وليس دعاؤه بطلب ملك يتفرد به مرادا به : أنه لا يعطي اللّه تعالى نحو ذلك الملك لأحد، وإنما المبالغة في هبة الملك وطلبه.
محنة أيوب عليه السّلام
أيوب عليه السّلام : هو نبي من أنبياء بني إسرائيل، من ذرية يعقوب عليه السّلام، وهو المبتلى في جسده وماله وأهله، ولكن صبر وسلّم معتقده ودينه، ولم يكن ابتلاؤه بمرض معد أو منفّر طبعا، خلافا لما زعم بعضهم، وإنما كان مرضه جلديا مضعفا غير منفر، وبعد أن طال صبره دعا ربه، فأوحى إليه بالاغتسال والشرب من ماء نابع، حفره بقدمه، فشفي وعوفي، ورد اللّه عليه أهله وزاده مثلهم في الذرية، وافتدى اللّه يمينه بضرب زوجته بعود فيه مائة قضيب من الشجر الرطب، فيضرب به ضربة واحدة، يبر بها يمينه. وهذه حكاية محنته وبلواه وزوالها عنه. قال الله تعالى :
[سورة ص (٣٨) : الآيات ٤١ الى ٤٤]
وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤)
«١» «٢» [ص : ٣٨/ ٤١- ٤٤].
الاعتبار والاتعاظ بقصص الأنبياء السابقين هو غاية إيراد قصصهم، فمنهم كثير

(١) أي بضر ومشقة وتعب.
(٢) حزمة صغيرة من حشيش أو شجر رطب.


الصفحة التالية
Icon