تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٢١
هذا الكتاب العظيم وهو القرآن الكريم تنزيل من اللّه تعالى، العزيز : في قدرته الذي لا يغلب، الحكيم في إبداعه وصنعه، فهو الكتاب الإلهي الحق الذي لا مرية فيه ولا شك، إنا أنزلنا أيها النبي الرسول القرآن مقترنا بالحق، متضمنا إياه، أي الحق فيه وفي أحكامه وفي أخباره، فكل ما فيه حق، من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع الأحكام والتكاليف الشرعية، ولم ننزله مشوبا بالباطل الكاذب الذي لا قرار له.
فاعبد اللّه وحده لا شريك له، وادع الخلق إلى ذلك، وأخبرهم أنه لا تصلح العبادة إلا لله وحده، وأنه ليس له شريك ولا نظير.
والإخلاص : أن يقصد العبد بعمله وجه اللّه تعالى ورضوانه، ولا يقصد شيئا آخر. والدين : العبادة والطاعة، وأساس توحيد الله، وتنزيهه عن الشريك والنظير.
ألا لله العبادة والطاعة الخالصة من شوائب الشرك والرياء وغيره، وأما ما سواه من الدين، فليس بدين اللّه الخالص الذي أمر به.
ومعنى الآية : الأمر بتحقيق النية لله في كل عمل. والدين هنا : يعم المعتقدات وأعمال المكلفين العضوية التي يمارسونها. وقوله سبحانه : أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ بمعنى : من حقه ومن واجباته، لا يقبل غيره.
وأما المشركون الذين والوا غير اللّه تعالى، وعبدوا سواه، وهي الأصنام أو الكواكب أو الملائكة أو بعض البشر، وقالوا : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه تقريبا، ويشفعوا لنا عنده في حوائجنا، فهم في أسوأ عاقبة، وأقبح مصير، لذا هددهم الله بقوله : إن اللّه يحكم بين أهل الأديان يوم القيامة، ويفصل في خلافاتهم، ويجزي كل عامل بعمله، فيدخل الموحدين الجنة، ويدخل المشركين النار.
قال ابن عباس : أنزلت هذه الآية : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ في


الصفحة التالية
Icon