تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٣٦
الحمد لله على إقامة الحجة على عبدة الأوثان، وعلى أن الحمد لله لا لغيره، وعلى التوفيق للإسلام والحق، بل أكثر الناس لا يعلمون هذا الفرق، فيشركون مع الله غيره. وبما أن أكثر الناس جاهلون بالحق، لا ينتفعون بهذا المثل، هدد اللّه تعالى بالموت، فمصير جميع الخلائق إلى الله، وهو الذي يفصل بينهم في مظالمهم، والموت عاقبة كل حي، فإنك أيها النبي ميت، وهم سيموتون، ثم يكون التقاضي عند الله تعالى فيما اختلفتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك، فينجي اللّه المؤمنين الموحدين، ويعذّب المشركين المكذبين.
والتخاصم في الآخرة ليس خاصا بين المؤمنين والكافرين، وإنما هو حادث بين كل متنازعين في الدنيا، فإنه تتكرر المنازعة في الآخرة. وهو دليل على أن النبي محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم سيخاصم قومه، ويحتج عليهم بأنه بلّغهم الرسالة، وأدى الأمانة، وأنذرهم وبشرهم، وهم يخاصمونه ويعتذرون بما لا معنى له، وهذا توعد للمشركين : بأنهم سيتخاصمون يوم القيامة في ردهم شريعة الله، وتكذيبهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
أخرج الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«أول الخصمين يوم القيامة : جاران».
وعيد المكذبين ووعد المصدقين
ليس هناك بعد الشرك بالله أسوأ من الكذب، وإن الذين يفترون الكذب لا يفلحون، والكذب أخس صفة تؤدي إلى الطعن بالرجولة، وتدل على فقد الثقة بالنفس، وضعف الإنسان، وتورطه بالنفاق، لذا كان أسوأ اعتقاد المشركين تكذيب اللّه تعالى بإثبات ولد له أو شريك، وتكذيب الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعد إثبات صدقه في نبوته، بالأدلة القاطعة والمعجزات الباهرة، فاستحقوا الوعيد في نار