تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٧٨
و لما يئس الضعفاء من السادة، طلبوا من خزنة جهنم تخفيف العذاب، فقالوا لهم : ادعوا اللّه ربكم لعله أن يخفف عنا مقدار يوم من العذاب. وذلك لأنهم علموا أن اللّه تعالى لا يستجيب لهم ولا يسمع دعاءهم.
فرد خزنة جهنم عليهم على سبيل التوبيخ والإلزام بالحجة : أما جاءتكم الرسل في الدنيا بالحجج والأدلة القاطعة على توحيد اللّه تعالى، والتحذير من سوء العاقبة؟! قالوا : بلى قد جاءتنا الرسل، فكذبناهم، ولم نؤمن بهم، ولا بما جاؤوا به من الأدلة والمعجزات على صدقهم.
فقالت لهم الخزنة تهكما : إذا كان الأمر كما ذكرتم، فادعوا أنتم لأنفسكم، فنحن لا ندعو لمن كفر بالله، وكذّب رسله، بعد مجيئهم بالحجج القاطعة، وليس دعاء الكافرين بالله ورسله إلا في ضياع وبطلان، لا يقبل ولا يستجاب. والمراد : فادعوا أيها الكافرون الذين لا معنى لدعائكم، وليس دعاؤنا إلا لأهل الحق والإيمان والطاعة.
ثم أخبر اللّه تعالى أن ينصر رسله عليهم السّلام والمؤمنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويوم يقوم الشهود من الملائكة والنبيين وصالحي المؤمنين، للشهادة بأن الرسل قد بلّغوا الرسالة، وأدّوا الأمانة.
وقيام الشهود يكون حين تقوم القيامة، حيث لا تنفع معذرة الظالمين المشركين، ولا تقبل منهم فدية، لأن عذرهم واه، وشبهتهم زائفة، وهم مطرودون مبعدون من رحمة اللّه، ولهم شر ما في الآخرة : وهو النار والعذاب فيها.
ثم أخبر اللّه تعالى عن إرسال الرسل، فليس محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وحده مرسلا، وليس هو ببدع من الرسل، فلقد أرسل اللّه موسى عليه السّلام بالتوراة والنبوة، تأنيسا لمحمد عليه السّلام، وتذكيرا بما كانت العرب تعرفه من أمر موسى عليه السّلام. وكانت


الصفحة التالية
Icon