تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٧٩
التوراة هادية لقوم موسى بالشرائع والأحكام، وأورث اللّه بني إسرائيل التوراة، فهو إمام ونبراس لهم، وهداية وإرشاد، وتذكير لأهل العقول السديدة بما فيها من أحكام، فكأن بعضهم يرث التوراة عن بعض.
وإذا كان النصر مقررا في النهاية للرسل وأتباعهم، فاصبر أيها الرسول محمد على أذى المشركين، كما صبر الذين من قبلك من المرسلين، فإن عاقبة الصبر خير، ووعد اللّه بالنصر حق ثابت لا يخلفه أبدا، ودوام على الاستغفار لذنبك، من ترك الأولى والأفضل، أو أن المراد أمته، أي إنه إذا أمر هو بالاستغفار فغيره أولى، وستكون عاقبة أمرك كعاقبة أمر موسى، ونزّه اللّه تعالى عن كل شريك ونقص، مقترنا تسبيحك بحمد اللّه وشكره، على الدوام، في أوائل النهار وأواخره.
أسباب المجادلة في آيات اللّه وتفنيدها
يلجأ بعض المتشككين إلى الجدل في آيات اللّه، بقصد التشكيك ومحاولة الدفاع عن الباطل، بغير حجة مقبولة، ولا برهان سليم، وقد يكون الجدل حول إنكار البعث والقيامة، كشأن الماديين الملحدين، ويتعامى هؤلاء جميعا عن حقائق الأشياء وأسباب وجودها، وعن الأدلة الكونية الدالة على ضرورة الإيمان بوجود اللّه وقدرته وحكمته، وقد ذكر اللّه تعالى في الآيات الآتية عشرة أدلة على وجوده ووحدانيته وقدرته، لإثبات وجود القيامة، منها : خلق السماوات والأرض، فلا يوجد شي ء بالصدفة بدون موجد، ومنها تعاقب الليل والنهار، وجعل الأرض قرارا والسماء بناء، وخلق الإنسان في أحسن صورة، ورزقه من الطيبات، واتصاف اللّه تعالى بالحياة الأبدية الذاتية والوحدانية، وهذا ما تضمنته الآيات الآتية بمناسبة الأمر بعبادة اللّه وطاعته :