تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٨٠
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٥٦ الى ٦٥]
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِي ءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠)
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥)
«١» «٢» «٣» [غافر : ٤٠/ ٥٦- ٦٥].
أخبر اللّه تعالى عن أولئك المشركين الكفرة الذين يجادلون في آيات اللّه بغير حجة ولا برهان، وهم يريدون بذلك طمسها، أنهم ليسوا على شي ء فلا حجة لهم ولا سلطان أو برهان مقبولا لهم، ليس في صدورهم وضمائرهم إلا التكبر والتعاظم عن قبول الحق، وحسد النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم على ما آتاه اللّه من الفضل والنبوة، ولا يستطيعون بلوغ آمالهم بسبب ذلك الكبر، ولا محققي إرادتهم في أن تكون لهم الرياسة والنبوة بعد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فاستعذ بالله أيها النبي والتجأ إليه في كل أمورك، من كل

(١) أي إن في نفوس قريش كبرا وأنفة على النبي حسدا منهم على فضل اللّه عليه، وليسوا ببالغي آمالهم وإرادتهم فيه.
(٢) صاغرين أذلاء.
(٣) أي تصرفون.


الصفحة التالية
Icon