تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٨١
مستعاذ منه، ومن شرورهم، لأن اللمتكبرين على ضلالهم، وذكّرهم بعظمته وقدرته، بأدلة كثيرة، منها أن خلق السماوات والأرض وما فيهما أكبر بكثير من خلق الناس، بدءا وإعادة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون بعظيم قدرة اللّه، ولا يتأملون بهذه الحجة الدامغة الدالة على قدرة اللّه تعالى.
ومثل المجادل بالباطل في مواجهة المحق والمتفكر والمتعظ كمثل الأعمى والبصير، ولا يتساوى الاثنان، فلا يتساوى المجادل بالباطل أو الكافر الذي لا يتأمل بآيات اللّه الكونية، ولا المجادل بالحق أو المؤمن الذي يتفكر في آيات اللّه ويتعظ بها.
وكذلك لا يستوي المحسن بالإيمان والذي يعمل الصالحات من أداء الفرائض والطاعات، والمسي ء بالكفر والعاصي الذي يغفل دور الآيات ويتنكر للطاعات، فما أقل ما يتذكر كثير من الناس ويتعظ بهذه الأمثال! ثم أخبر اللّه تعالى عن وقوع القيامة حتما، فإن يوم القيامة آت لا ريب في مجيئه ووقوعه، فآمنوا أيها الناس به إيمانا قاطعا، لا شك فيه، ولكن مع الأسف أكثر الناس لا يؤمنون ولا يصدقون بالآخرة.
وطريق النجاة في الآخرة واضح وهو طاعة اللّه وعبادته، وقال اللّه : من دعاه أجابه، فالدعاء مخ العبادة، وإن الذين يتكبرون ويتعاظمون عن دعاء اللّه وعبادته وحده، سيدخلون حتما جهنم صاغرين أذلاء.
ومن أدلة قدرة اللّه على البعث وغيره : أنه سبحانه أوجد تعاقب الليل والنهار وجعل الليل للسكن والهدوء والراحة، وجعل النهار مضيئا منوّرا لإبصار الحوائج، وطلب المعايش، ومزاولة الصناعة والتجارة والزراعة وغيرها من الحرف والمهارات


الصفحة التالية
Icon