تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٨٢
و الخبرات، وإن اللّه تعالى بهذه النعمة وغيرها هو المتفضل على الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون النعم.
واللّه وحده هو الرب المتصرف في كل شي ء المدبر لكل أمر، خالق الأشياء كلها، لا إله ولا معبود في الوجود غيره، فكيف تصرفون أيها المشركون عن عبادته؟! ومثل هذا الانصراف عن عبادة اللّه، يصرف الجاحدون بآيات اللّه، المنكرون توحيده.
واللّه هو الذي جعل الأرض محل استقرار وثبات، والسماء مبنية بناء محكما لا خلل فيه، ولا يتهدم ولا يتصدع، وخلق الناس في أحسن صورة، وأجمل نظام وتقويم، ورزقهم من طيبات الرزق ولذائذه، ذلكم المتصف بهذه الصفات الجليلة :
هو اللّه رب العالمين من الإنس والجن، المنزه عن جميع النقائص. واللّه هو الحي الباقي الدائم الذي لا إله غيره، فاعبدوه مخلصين له الطاعة والعبادة، موحدين له، صاحب الحمد، المستحق للشكر والثناء، رب العالمين من الملائكة والإنس والجن.
النهي عن عبادة غير اللّه
حاول المشركون الوثنيون في مكة استمالة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لمنهاجهم، وتخفيف حملاته على دين الآباء والأجداد، والتوصل إلى أوساط الحلول.
فقال الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة- فيما رواه جويبر عن ابن عباس- : يا محمد، ارجع عما تقول بدين آبائك، فأنزل اللّه تعالى : قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية.
قررت هذه الآية الكريمة النهي الشديد عن عبادة الأصنام والأوثان، وبيّنت الآيات الآتية بعدها سبب النهي : وهو البينات التي جاءت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من ربه، من دلائل الآفاق والأنفس، قال اللّه تعالى واصفا ذلك :