تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٢٨٧
الترتيب، بكشف الحقائق ومصادقة الواقع، واضطراب الأقوال، واللجوء إلى الكذب، فيقولون : بل لم نكن نعبد شيئا.
وذلكم العذاب اللاحق بهم، والإضلال بتركهم في ضلالهم، بسبب ما كنتم تظهرون في الدنيا من الفرح بمعاصي اللّه، والابتهاج بمخالفة الرسل والكتب الإلهية، وبسبب موقف البطر والأشر والتكبر، فهذا جزاء الشرك والوثنية. وجزاؤكم أيها المشركون الإدخال في أبواب جهنم السبعة المقسومة لكم، المؤدية إلى طبقاتها ودركاتها، كما جاء في آية أخرى : لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤) [الحجر : ١٥/ ٤٤].
فبئس موضع الإقامة والمأوى الذي فيه الهوان والتعذيب لمن تكبر عن آيات اللّه وبراهينه القاطعة. ثم آنس اللّه تعالى نبيه محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم ووعده بالنصر بقوله : فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أي اصبر أيها النبي على تكذيب قومك، فإن وعد اللّه بالنصر عليهم وإظهار أمرك ودعوتك والانتقام منهم كائن واقع لا محالة، إما في حياتك حيث تراه وتقرّ به عينك، وإما بعد موتك، حيث يصيرون ويرجعون إلى أمرنا وتعذيبنا.
أي إما أن نرينك في حال حياتك بعض ما وعدناهم به من العذاب، كالقتل، والأسر يوم بدر وغيره، وذلك بعض ما يستحقونه، وإما أن نتوفينك قبل إنزال العذاب بهم، فإلينا مصيرهم يوم القيامة. وهذا كما جاء في آية أخرى : فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) [الزخوف :
٤٣/ ٤١- ٤٢].
ثم رد اللّه على العرب الذين قالوا : إن اللّه تعالى لا يبعث بشرا رسولا، واستبعدوا ذلك، فلقد أرسلنا رسلا وأنبياء كثيرين، من قبلك أيها النبي الرسول، إلى أقوامهم، منهم من أخبرناك بأخبارهم، وهم أربعة وعشرون، ومنهم من لم