تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٥٩
يتنافى مع كمال اللّه عز وجل وتنزيهه عن مشابهة الحوادث. وهم قد زعموا أن كل العباد ليس لله، بل بعضها لله، وبعضها للشركاء، فالآية لإنكار الشريك لله.
لذا أنكر اللّه تعالى على هؤلاء أشد الإنكار باتخاذ ولد للّه، وكيف يصح أن يتخذ لنفسه من خلقه البنات أضعف الجنسين، ويختار لعباده الأفضل وهو الذكور؟ وهذا يعني أن اللّه تعالى جعل لنفسه المفضول من الصنفين، وللناس الفاضل منهما، مع أن اللّه تعالى هو الخالق لكل شي ء.
ومما ينكر على المشركين أيضا : تشاؤمهم من الأنثى، فإذا بشّر أحدهم بها، أنف من ذلك واغتم، وامتلأ غيظا وكربا، وتغيّر وجهه، فكيف يأنفون من البنات، ثم ينسبونها إلى اللّه عز وجل؟! وأكد اللّه هذا الإنكار عليهم، في أنه كيف يجعل لله من الولد من صفته أن يتربى في حليّ الذهب والفضة والزينة والنعمة، وكان في الجدال عاجز البيان، عيي اللسان، لا يقدر على الجدال وإقامة الحجة؟ وهذا دليل على رقة المرأة وضعفها، وغلبة عاطفتها عليها.
ومن مفتريات المشركين : أنهم حكموا بأن الملائكة إناث، ترتيبا على قولهم السابق : الملائكة بنات اللّه، فأنكر اللّه عليهم ورد إفكهم وقولهم بأنه : هل حضروا خلق اللّه للملائكة حتى يشهدوا بأنهم إناث؟ ستكتب وتدوّن شهادتهم الباطلة الزور بذلك في صحف أعمالهم، لمجازاتهم على ذلك، وسؤالهم عنها يوم القيامة.
ومن افتراءات المشركين أنهم قالوا : لو أراد اللّه ما عبدنا هؤلاء الملائكة، أي إنهم نسبوا عبادة الملائكة لمشيئة اللّه، والواقع أن المشيئة الحاصلة لا تستلزم الأمر، واللّه لا يأمر إلا بالخير، فرد اللّه عليهم : ليس لهم أي دليل علمي على صحة قولهم وحجتهم، وما هم إلا يكذبون فيما قالوا ويتقولون، ويظنون ظنا باطلا. ثم أبطل


الصفحة التالية
Icon