تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٠٠
«١» «٢» [الجاثية : ٤٥/ ١٦- ٢٢].
المعنى : تالله، لقد آتينا الإسرائيليين كتاب التوراة، والسنّة والفقه والقضاء، وما تكرر فيهم من الأنبياء عليهم السّلام كموسى وهارون، ورزقناهم من المستلذّات الحلال، لتتم النعمة ويحسن تعدادها، مثل المن والسلوى وطيبات الشام بعد، إذ هي الأرض المباركة، وفضلناهم على عالم زمانهم. وآتيناهم بينات من الأمر، أي الوحي الذي فصّلت به لهم الأمور، ولكنهم لم يشكروا هذه النعم الست، بل اختلفوا في أمر الدين وأخطئوا، فلم يكن اختلافهم اجتهادا في طلب الصواب، حتى يعذروا في الاختلاف، وإنما اختلفوا بغيا وظلما بينهم، بعد أن تبينوا الحقائق، فتوعدهم اللّه تعالى بوقف أمرهم على قضائه بينهم يوم القيامة، فإن اللّه سيفصل بينهم بحكمه العدل يوم القيامة، في شأن اختلافهم في أمر الدين، فيجازي المحسن بإحسانه والمسي ء بإساءته، ويبين المحق من المبطل، وفي هذا تحذير للمسلمين أن يختلفوا كاختلاف بني إسرائيل.
وأعقب اللّه تعالى بعد شريعة موسى عليه السّلام شريعة النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، فإياك أيها النبي من الاختلاف، واتبع شريعتك المنزلة عليك : وهي المشتملة على الفرائض والحدود والأمر والنهي، وهي من جملة أمر اللّه المشتمل على الأوامر والنواهي، ولا تتبع ما لا حجة فيه من أهواء الجهال المشركين، الذين لا يعلمون توحيد اللّه وشرائعه. والذين لا يعلمون : هم الكفار الذين كانوا يريدون صرف محمد صلّى اللّه عليه وسلّم إلى إرادتهم.
(٢) خلقا ملازما للحق وبمقتضى الحق.