تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٢٦
قالوا : ومن لا يجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم محمدا إلى توحيد اللّه وطاعته، فلا يتمكن من الإفلات من اللّه، ولا يعجز اللّه أبدا، والمعجز : الذاهب في الأرض، لتعجيز طالبه، وليس له من غير اللّه أنصار ينصرونه ويمنعونه من عذاب اللّه، أولئك الذين لا يجيبون داعي اللّه في خطأ واضح، وانحراف ظاهر عن الحق، وهذا تهديد ووعيد، فجمع الجن في كلامهم على طريقة القرآن بين الترغيب والترهيب. ثم توالت وفود الجن إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وفدا وفدا.
إثبات عقيدة البعث والأمر بالصبر
أثبت اللّه تعالى بالأدلة القاطعة مسألة المعاد بعد الموت، لأن المشركين الوثنيين كانوا ينكرونها، وذلك في مناسبات مختلفة، ومنها في سورة الأحقاف التي تهدف إلى إثبات أصول العقيدة الثلاثة : وهي التوحيد، والنبوة، والبعث، وناسب هذه الأصول الأمر بالصبر في الدعوة إلى هذه الأصول، كما صبر الأنبياء والرسل الكرام في دعوتهم، لتعليمنا وعظتنا. وهذا ما ذكرته الآيات الآتية :
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٣٥)
«١» «٢» «٣» [الأحقاف : ٤٦/ ٣٣- ٣٥].
الآية الأولى : أَوَلَمْ يَرَوْا خطاب لقريش، لأنهم قالوا : إن الأجساد لا يمكن أن
(٢) لا تتعجل إنزال العذاب بقومك.
(٣) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا بلاغ، فحذف المبتدأ للعلم به.