تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٣١
يأمر به، وأما جزاء المؤمنين فبسبب اتباعهم الحق وهو الشرع وكل ما أمر اللّه باتباعه من التوحيد والإيمان، والعمل الصالح، واتباع ما جاء به النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
ومثل ذلك البيان الرائع، يبين اللّه للناس أحوال الفريقين الجارية مجرى الأمثال في الغرابة، ويظهر مآل أعمالهم، وما يصيرون إليه في معادهم، فالاتباع المذكور من الفريقين : هو سبب التفرقة بينهما، وجعل ذلك مضرب الأمثال، فكما اتّبعوا هذين السبيلين، وصار مصيرهم على هذا النحو، يجعل اللّه ذلك تبيانا لكل الناس، ومعرفة أمر كل فرقة، ليعتبروا ويحتاطوا للأمر.
إن تبيان جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين في الآخرة سلفا في الدنيا، أمر يتفق مع أصول التجريم والعقاب، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، أو لا جزاء إلا بعد إنذار سابق، فإذا عرف الإنسان في الدنيا مصيره في الآخرة، هان الأمر، وظهر الحق والعدل، ولم يبق ما يسوّغ اللوم والعتاب، وامتنعت المفاجأة بعناصرها المعروفة، وحينئذ يكون المرء مأخوذا بذنبه أو بما كسبت يداه، ولا ظلم ولا محاباة ولا داعي للاعتراض أو الانتقاد، قال اللّه تعالى : إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
(١٥) [القيامة : ٧٥/ ١٢- ١٥].
وقال سبحانه : كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ [الطور : ٥٢/ ٢١].
أحكام القتال والأسرى
إذا نشبت الحرب بين المؤمنين وغيرهم، وجب على المؤمنين اتباع قواعد حربية معينة أثناء المعركة وبعد انتهائها، لأن الحرب ضرورة، وخاضعة للنظام، حتى لا تبيد البشرية، وتسود الفوضى، ويصعب تلافي الآثار والنتائج المترتبة عليها.
والإسلام حريص على السّلام والأمن. وانتشار دعوته، إنما هو بالحكمة والإقناع