تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٣٤
جعلهم يعرفون منازلهم منها.
أخرج البخاري من قوله صلّى اللّه عليه وسلّم :«.. والذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله في الدنيا».
ثم بشّرهم اللّه بالنصر بشرطه : وهو يا أيها المؤمنون بالله والقرآن والإسلام، إن تنصروا دين اللّه ورسوله، بجدّكم وإيمانكم، ينصركم اللّه بخلق القدرة لكم والجرأة وغير ذلك من المعارف.
والذين كفروا بالله ورسوله، فهلاكا وعثارا وخيبة لهم، وأبطل اللّه أعمالهم، فلا ثواب لهم، ولا خير يرتجى منها في الآخرة. وقوله : فَتَعْساً لَهُمْ مقابل تثبيت أقدام المؤمنين المنتصرين، الناصرين لدين اللّه ورسوله.
ذلك التعس أو الهلاك، وإضلال الأعمال أو إبطالها بسبب كراهيتهم القرآن، أي ما أنزل اللّه في قرآنه على نبيه المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم، من التكاليف الإلهية، فهم لا يريدونه ولا يحبونه، فأبطل اللّه ثواب أعمالهم بذلك السبب. والمراد بالأعمال المحبطة أو الملغاة : أعمال الخير أو الحسنات حال الكفر، لأن عمل الكافر لا يقبل قبل إسلامه، وإنما تفيدهم هذه الأعمال الخيرية في الدنيا. وإذا أسلم الكافر يضاف عمله الخيري إلى حسناته في الإسلام.
الاعتبار بآثار الماضين
رغّب القرآن الكريم في مناسبات مختلفة في النظر في آثار الأمم المتقدمة، والتأمل في أحوال أهل الإيمان وأهل الكفر، للعبرة والاتعاظ، بقصد إصلاح الأفراد والجماعات، حين يعلمون أن اللّه ناصر المؤمنين، وخاذل الكافرين، ثم يكافئ أهل الإيمان بجنان الخلد، لانحيازهم إلى الحق وإيمانهم به، ويعاقب أهل الضلال أو الكفر