تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٥٣
المؤمنين والمؤمنات جنات (بساتين) تجري الأنهار من تحت قصورها، وهم ماكثون فيها على الدوام، وليكفّر (يستر) عنهم خطاياهم ولا يظهرها، وكان إنجاز ذلك الوعد بإدخالهم الجنة وتكفير سيئاتهم عند اللّه، وفي حكمه، فوزا عظيما كبيرا، ونجاة من كل غم، وظفرا بكل مطلوب.
ولكي يعذب أهل النفاق وأهل الشرك بالهم والغم بسبب ما يشاهدونه، من انتشار الإسلام وانتصار المسلمين، وقهر المخالفين، وبما أصيبوا به من القهر والقتل والأسر في الدنيا، وبما أعد لهم من العذاب في الآخرة، ولقد أصابهم ما أرادوا بالمسلمين فعليهم دائرة هي السوء، والمراد : الهزيمة والشر، أي دائرة السوء الذي أرادوه بالمسلمين في ظلهم السيئ.
ثم أكد اللّه تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين، فلله تعالى تدبير أمر جنوده في هذا العالم كيف يشاء، كما تقدم بيانه، وكان اللّه وما يزال عليما بمصالح خلقه، حكيما في صنعه وتقديره وتدبيره.
مهام النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ومغزى بيعة الرضوان
إن مهمة تكليف الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسّلام مهمة عظيمة وشاقة، وتتميز مهمة نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم بمعان أو وظائف تتفق مع كونه خاتم النبيين وإمام المرسلين، فهو الشاهد على أمته والأمم المتقدمة بتبليغ الرسالة الإلهية، وهو المبشر أهل الطاعة برحمة اللّه تعالى، والمنذر لأهل الضلال من عذاب اللّه تعالى. والغاية من رسالته التوصل إلى الإيمان الحق بالله ورسوله، وتأييد دعوته، وتنزيه (تسبيح) اللّه بوصفه بكل صفات الكمال، وتجريده عن كل صفات النقصان. ومعنى بيعته بيعة الرضوان يوم الحديبية على الموت دفاعا عنه : بيعة لله تعالى ذاته، فمن نقض بنود البيعة عاد