تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٥٤
و بال نقضه على نفسه، ومن أوفى بالعهد مع اللّه، فسيلقى الثواب العظيم. وهذا ما سجلته الآيات التالية :
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٨ الى ١٠]
إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [الفتح : ٤٨/ ٨- ١٠].
إنا أرسلناك أيها النبي لأداء وظائف ثلاث هي : الشهادة على الناس من أمتك وغيرهم، بأعمالهم وأقوالهم بتبليغ شرع اللّه إليهم، وتبشير المؤمنين الطائعين برحمة اللّه وجنته، وإنذار الكافرين والعصاة وتخويفهم من عذاب اللّه عز وجل.
والغرض السامي من إرسالك أيها الرسول : هو أن تؤمن أمتك بالله ورسوله- والخطاب للرسول وأمته- وأن يعظموك ويفخموك، وأن يحترموك ويقدروك، وينزهوا اللّه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد والصاحبة، والتشبّه بالمخلوقات، وذلك على الدوام، وبخاصة في الصباح والمساء، لقوله : بُكْرَةً وَأَصِيلًا أي في الغدو والعشي. وهذه هي صلاة البردين، أي صلاة الفجر والعشاء،
جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي موسى :«من صلّى البردين دخل الجنة».
والفعلان :(تعزروه وتوقروه) عند جمهور المفسرين : للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وفعل (تسبحوه) لله تعالى. وقال بعض المتأولين : الضمائر في الأفعال الثلاثة هي كلها لله تعالى.
ثم بيّن الحق تعالى عظمة بيعة الرضوان في الحديبية مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي بيعة
(٢) من التوقير : وهو التعظيم والاحترام.
(٣) التسبيح : تنزيه اللّه، وذلك غدوة وعشيا.
(٤) استعارة يراد بها اطلاع اللّه على مبايعتهم، ومجازاتهم عليها.
(٥) نقض العهد.
(٦) وفّى في مبايعته.