تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٧٩
و تجوز الغيبة عند رفع الظلم وفي الشهادة والقضاء والاستشارة والتحذير من الفاسق، ثم جاءت آية الشعوب «١» الإنسانية، فيا أيها الناس- والنداء هنا بصفة الناس وما قبلها بصفة الإيمان- لقد خلقناكم جميعا من أصل واحد، ومن نفس واحدة، من آدم وحواء، فأنتم متساوون، لأن نسبكم واحد، وأباكم واحد، وأمكم واحدة، فلا تفاخر بالأنساب، فالكل سواء، وقد جعلناكم شعوبا (أمما كبيرة) وقبائل دونها للتعارف لا للتناكر، ولا للتفاخر بالأنساب، إن أكرمكم وأفضلكم عند اللّه بالتقوى أو بعمل صالح، فدعوا التناكر والتفاخر، إن اللّه عليم بكم وبأعمالكم، خبير بأحوالكم وأموركم.
أخرج الترمذي والدارمي وأحمد عن أبي بكر :«قيل : يا رسول اللّه، من خير الناس؟ قال : من طال عمره، وحسن عمله».
وحكى الزهراوي : أن سبب نزول هذه الآية غضب الحارث بن هشام، وعتّاب ابن أسيد، حين أذن بلال يوم فتح مكة على الكعبة.
الإيمان والإسلام
لا تنهض الأمة كلها ولا ترتقي، أو تسمو طفرة واحدة، وإنما تحتاج لفترة زمنية أو تدرج زمني لتشمل التربية جميع أفرادها وجماعاتها، وهكذا كان شأن الأمة الإسلامية في صدر الإسلام، لم يكن الجميع على المنهج الأفضل المطلوب، وإنما هناك تفاوت، فالذين لازموا الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم استناروا بأدبه وأدب القرآن، والذين بعدوا عنه، لم يتنوروا بعد بأخلاق الإسلام، لذا بعد أن حرض القرآن على التقوى، قالت

(١) الشعب : أعظم جماعات الناس من نسب واحد. [.....]


الصفحة التالية
Icon