تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٤٨٠
الأعراب (جماعة من سكان البادية وهم بنو أسد) أول ما دخلوا في الإسلام : لنا النسب الشريف، فلنا الشرف، فذمّهم اللّه تعالى، وأوضح ضعف إيمانهم، كما تصور الآيات الآتية :
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ١٤ الى ١٨]
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الحجرات : ٤٩/ ١٤- ١٨].
آية قالَتِ الْأَعْرابُ نزلت- كما ذكر الواحدي عن مجاهد- في نفر من بني أسد ابن خزيمة، قدموا المدينة في سنة جدبة، وأظهروا الشهادتين، ولم يكونوا مؤمنين في السرّ، وكانوا يقولون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : أتيناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأعطنا من الصدقة، وجعلوا يمنون عليه، فأنزل اللّه تعالى فيهم هذه الآية.
والمعنى : قال جماعة من الأعراب سكان البادية، وهم بنو أسد أول ما دخلوا الإسلام : صدقنا بالله ورسوله وآمنا في قلوبنا، فقال اللّه لهم : لَمْ تُؤْمِنُوا أي لم تصدقوا بقلوبكم، ولكن قولوا : أسلمنا، أي انقدنا لك يا رسول اللّه، واستسلمنا،
(٢) لم ينقصكم من أعمالكم شيئا.
(٣) لم يقعوا في الشك والتهمة.
(٤) يعدون النعم اعتدادا بها وإظهارا لفضل صاحبها.
(٥) إما مفعول به صريح أو مفعول لأجله.