تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٢٠
ثم نزّه اللّه تعالى نفسه عما يشركون به من الأصنام والأوثان، والمعنى : بل ألهم إله غير اللّه يحرسهم من عذاب اللّه؟ تنزه اللّه عن الشريك والمثيل والنظير وعن كل ما يعبدون سواه، وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام.
وهذه الأشياء التي ناقشهم اللّه بها حصرت جميع المعاني والاحتمالات التي توقع في التكبر والعناد، وهي كلها ليست لهم، ولا يبقى شي ء يوجب ما هم عليه إلا أنهم قوم طاغون، وذلك سبب عقابهم.
الإعراض عن الكافرين
لم يدع القرآن الكريم وسيلة للإيمان إلا أتى بها، ولا طريقا للكفر إلا سدّه، وناقش المشركين مناقشة هادئة في عقائدهم، لينقلهم من هذا الداء الخطير إلى الإيمان الصحيح، وحينما استبد العناد بهم، ولم يتزحزحوا عن مواقفهم الضالة، هددهم المولى عز وجل، وأنذرهم بعقاب الدنيا وعذاب الآخرة. وحاولوا الدفاع عن آرائهم، فاقترحوا للتحدي والمعارضة تحقيق بعض المستحيلات، فكان الأمر الإلهي للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالإعراض عنهم، والصبر في تبليغ الرسالة وإنذارهم، وانتظار وعد اللّه، والتزام التسبيح لله وحده حين يقوم من منامه أو من مجلسه، وعقب غروب النجوم في آخر الليل، وهذا ما قررته الآيات الآتية :
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤٤ الى ٤٩]
وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)
«١» «٢» «٣» «٤»
(٢) متراكم بعضه على بعض.
(٣) يموتون أو يقتلون.
(٤) تآمرهم وتدبيرهم.